الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحادث السير لا يمكن أن تتوزع فيه المسؤولية بين القاتل والمقتول ، وذلك لأن السائق إما أن يكون قد أخذ بكافة الأسباب اللازمة للسلامة وبكافة الاحتياطات فيها ، بأن كان قريب عهد بتفقد عجلات السيارة وفراملها ومقودها ... وكان لديه الخبرة الكافية المعتبرة في القيادة ، وكان ملتزماً بقواعد السير وقوانين المرور ، وكان كامل الصحة تام الوعي ، لم يشعر قبل الحادث بملل زائد أو فتور أو نعاس أو نحو ذلك مما قد يؤثر على تمام وعيه وتحكمه في السيارة ، فإذا أخذ بكل هذه الاحتياطات فما حدث بعد ذلك مما لم يستطع أن يتفاداه فهو غير مؤاخذ به ، لأنه خارج عن إرادته ، فأشبه الكوارث الطبيعية التي تبتلى بها الناس ، وعلى هذا فلا كفارة عليه ولا دية ، لأنه غير متسبب .
وإما أن يكون قد حصل منه أي تفريط في الأخذ بأسباب السلامة والاحتياط فيها ، فهو حينئذ يكون مسؤولاً عما تسبب فيه ذلك الحادث ، ومؤاخذ بما ترتب على ذلك من أحكام ومنها الكفارة والدية .
وهذا الذي ذكرناه من التفصيل إنما هو فيما بينه وبين ربه ، فهو لا يبرئه عند الله أن يتقاسم المسؤولية مع غيره إذا كان يعلم أنها عليه كاملة في نفس الأمر ، كما أنه غير ملزم في باطن الأمر بدفع أي شيء في الحال التي هو فيها غير مسؤول عما حدث .
والله أعلم .