الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فواجب الابن نحو والديه برهما وطاعتهما واحترامهما وإكرامهما والإنفاق عليهما إن احتاجا، ورعايتهما والقيام بشأنهما، فإن هو فعل ذلك فهو بار وطائع في ميزان الله سبحانه، وإن اعتبره والداه عاقا وعاصياً، فميزان الله عدل وقسط: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ {الأنبياء:47}.
وعليه، فلا يحكم على الولد بأنه طائع أو عاص بميزان الوالد، فإن الوالد ربما انعكس عنده الميزان فاعتبر الطاعة معصية والبر عقوقاً، لا سيما إذا كان لا يزن بميزان الشرع، قال الله تعالى: وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ {الشعراء:182}، وقال الله عز وجل: وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ* أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ* وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ {الرحمن:7-8-9}.
وأما هل للولد أن يتجنب الجلوس مع والده؟ فإن كان الوالد يؤذيه بغير حق فله تجنب الإكثار من مجالسته، هرباً من المشاكل، مع الحرص على بره وصلته فيما سوى ذلك، والأفضل له أن يصبر على أذى والده، ويحتسب الأجر على ذلك من الله سبحانه.
والله أعلم.