الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الرجل يعمل في بنك ملتزم بالأحكام الشرعية في معاملاته فلا حرج في الزواج منه،وأما إذا كان البنك غير ملتزم بالأحكام الشرعية في معاملاته، فإن العمل فيه لا يجوز أصلاً، لما يترتب على ذلك من التعاون معه على عملياته غير الشرعية من ربا وغيره، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة: 2}.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن آكل الربا وموكله، وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. كما في صحيح مسلم.
وعلى ذلك فالراتب الذي يتقاضاه العامل في مثل هذا البنك ليس كسباً طيباً إضافة إلى أنه في الغالب ناتج ربوي، ومن ثم نقول لهذه الأخت: إنه إذا كان خاطبها بهذه الصفة، فإن عليها أولاً أن تشرط عليه ترك العمل المحرم، وتبين له خطورة الاستمرار فيه عليه وعلى مستقبله ومستقبل أسرته، إذا كانت له أسرة، لأنه سيكون مطعم الجميع، ولا يخفى ما في ذلك من التعرض لسخط الله في الدنيا، وعذابه في الأخرى، وانتزاع البركة، وعدم استجابة الدعاء.
ولتبين له أنه إذا ترك هذا العمل المحرم اتقاء لله تعالى وتصديقاً بوعده، وطلب الكسب من حله فإن الله تعالى سيعوضه بأفضل مما هو فيه الآن، ويرزقه من حيث لا يحتسب، ويبارك له فيما آتاه، ذلك وعد الله ولا يخلف الله وعده، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2 - 3}.
فإن قبل هذه الشروط واستجاب لهذه النصيحة؛ فلتبادر إلى الزواج منه، فإنه رجل خير، وإن أعرض عن ذلك، فلا تتزوج منه، لأن آكل الربا في خطر عظيم - كما تقدم - ولأنه سيطعمها وولدها من كسب محرم.
والله أعلم.