الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من الاتصال بأمها لأن هذا أمر بقطيعة الرحم، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 26546.
وعلى كل حال فقد علق الزوج الطلاق باتصال زوجته بأمها، وهذا يسمى تعليق الطلاق بشرط، فيقع الطلاق بوقوع الشرط عند جمهور أهل العلم سواء قصد الزوج إيقاع الطلاق أو لم يقصده.
وعليه.. فإذا حاولت الزوجة الاتصال بأمها فإن الطلاق يقع عندهم. وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنه إن نوى التهديد والمنع وهو كاره للطلاق غير مريد له، فإنه يمين، وأما إن أراد الطلاق فهو طلاق، قال رحمه الله في الفتاوى الكبرى: فإن قصد لزوم الجزاء عند الشرط: لزمه مطلقاً ولو كان بصيغة القسم، فلو كان قصده أن يطلق امرأته إذا فعلت ذلك الأمر أو إذا فعل هو ذلك الأمر فقال: الطلاق يلزمني لا تفعلين كذا، وقصده أنها تفعله فتطلق ليس مقصوده أن ينهاها عن الفعل ولا هو كاره لطلاقها بل هو مريد لطلاقها طلقت في هذه الصورة، ولم يكن هذا في الحقيقة حالفاً بل هو معلق للطلاق على ذلك الفعل بصيغة القسم، ومعنى كلامه معنى التعليق الذي يقصد به الإيقاع فيقع به الطلاق هنا عند الحنث في اللفظ الذي هو بصيغة القسم، ومقصوده مقصود التعليق.
والطلاق هنا إنما وقع عند الشرط الذي قصد إيقاعه عنده لا عند ما هو حنث في الحقيقة؛ إذ الاعتبار بقصده ومراده لا بظنه واعتقاده، فهو الذي تُبنى عليه الأحكام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. انتهى كلامه.
وقول الجمهور أقوى وهو الذي نرجحه، والسبيل إلى الخروج من القطيعة أنه إذا قصد أن لا تتصل بهم بالهاتف فبإمكانها أن تتصل بهم عن طريق الرسائل أو أي وسيلة أخرى، أو أن يقوموا هم بالاتصال بها حتى تنتفي القطيعة.
والله أعلم.