الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من أهم ما يتميز به دين الإسلام أنه دين وسط بين الغالي فيه والجافي عنه ، فلا إفراط فيه ولا تفريط ، وهودين يوازن بين حاجة الروح وحاجة الجسد ، فلا يطغى أحد منهما على حساب الآخر ، وتراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم : 25338 ، والفتوى رقم: 26673 ، وذكر الموت والرغبة في الله تعالى والدار الآخرة من الأمور الحسنة ولكنها لا تمنع المسلم من التمتع بزينة الحياة الدنيا ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فهو أخشانا لله تعالى وأعلمنا به ، وأكثرنا ذكراً للموت ، وهو القائل صلى الله عليه وسلم : لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً . رواه البخاري ومسلم ، ولم يمنعه ذلك من التمتع بالطيبات ، فهو القائل عليه الصلاة والسلام : حبب إليَّ من دنياكم النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة . رواه أحمد والنسائي ، وروى البخاري ومسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلى وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني . وروى الترمذي عن عبد الله بن الحارث بن جزء قال : ما رأيت أحدا أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فالذي نوصيك به هو الاعتدال وإعطاء كل ذي حق حقه ، روى مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن لزوجك عليك حقاً ، ولزورك عليك حقاً ، ولجسدك عليك حقاً . واعلمي أن من أعظم الحقوق على المرأة حق الزوج ، وطاعته في المعروف من أعظم القربات ، وراجعي الفتوى رقم : 32549 ، فينبغي أن تتزيني لزوجك وتحسني عشرته، فإن هذا سبيل لإرضاء الله تعالى ودخول الجنة ، فالدنيا يستغلها المؤمن مطية إلى الآخرة .
وننبهك إلى أنه لا يجوز للمسلم أن يتمنى الموت لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، إلا أن هذا لا ينافي شوق المؤمن للقاء الله تعالى كما سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 8137 .
والله أعلم .