الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للمسلم أن يودع أمواله في البنوك الربوية في حال اختياره وعدم اضطراره ، كما لا يجوز له أخذ فوائدها ، لأن الربا حرمته مجمع عليها ، وحذر الله تعالى منه ، وأوعد صاحبه بالحرب من قبله جل وعلا. قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 278 ـ 279} ومن أودع أمواله في البنوك الربوية ثم تاب إلى الله تعالى ، فعليه أن يتخلص فوراً مما نتج عن ذلك الإيداع من فوائد ، ويصرفها في مصالح المسلمين العامة ، وفي وجوه الخير. وجعل تلك الفوائد صدقة جارية إذا كانت تبقى تحت يده هو لا يجوز ، لأنه لم يتخلص منها بعد ، ولا يدري متى يفجؤه الموت ، فيكون قد مات ولم يتخلص من ذلك المال الحرام ، وإذا كان يجعلها في شيء له ريع يتم توزيعه في أوجه الخير ، ويرفع يده عنه مسلماً له لمن يتولى مصالح المسلمين ، أو متخذاً له ناظراً يتولى أمره ، فلا حرج في ذلك ، ولا بأس حينئذ بإقراض الناس منه لصدهم عن الاقتراض بالربا ، لأن ذلك وجه من وجوه الخير ، ومصلحة من مصالح المسلمين ، ولكن الذي يتولى الإقراض منه هو القائم عليه وليس الشخص الذي تخلص منه توبة إلى الله .
والله أعلم .