الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن القوانين الوضعية والتي هي من بنات أفكار البشر يغلب عليها القصور والخلل في تشريعاتها لقصور عقول أصحابها أحياناً ، ولكونها قد تخضع لأهواء بعضهم ، فقد يضعون من القوانين ما قد يظنون به تحقيق العدالة وحقيقة أمره الجور والظلم ، وهذا الأمر متحقق في هذا القانون الذي يجعل الطلاق حقاً للزوجة أسوة بالزوج ، ومثل هذا القانون لا علاقة له بالشرع ، وما يترتب عليه من تبعات يسأل عنها أصحابه .
وأما شرع الله تعالى فهو أكمل شرع وأعدله وأصدقه ، لأنه الشرع المنزل من لدن حكيم خبير ، قال تعالى : وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {الأنعام: 115} فقد جعل هذا الشرع الطلاق بيد الزوج لحكم كثيرة ، منها أن الزوج أضبط لتصرفاته من الزوجة ، فيغلب أن يتروى قبل أن يقدم على الطلاق ، لأن ضرر الطلاق يقع عليه في الغالب ، لأنه هو الذي دفع تكاليف الزواج من مهر وغيره ، فربما احتاج إلى مثله إذا أراد الزواج من أخرى ، ونحو هذا من تكاليف تقع على عاتقه ولا تتحمل المرأة منها شيئاً ، وتراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم : 61444 .
ومع أن الشرع قد جعل الطلاق بيد الزوج ، فإن الشرع قد جعل للمرأة سبيلاً إذا كانت تتضرر من استمرارها في عصمة زوجها ، فأباح لها طلب الطلاق ، فإن طلقها زوجها فبها؛ وإلا جاز لها رفع أمرها إلى القاضي الشرعي ليزيل عنها الضرر ، ومما تقدم تبين لك أنك في غنى عما سألت عنه من السبيل للزوج إلى شرط يتعذر معه على الزوجة طلب الطلاق ، إذ لا علاقة للمسلم بتلك القوانين التي تخالف شرع الله سبحانه ، وإنما يتحاكم المسلم إلى شرع ربه تعالى ، وهو الشرع الذي جعل الطلاق بيد الزوج لا بيد الزوجة كما ذكرنا .
والله أعلم .