الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج عن الأخت همها ويجعل لها منه فرجا ومخرجا ، وقبل الإجابة على أسئلتها ، نوجه هذه الكلمات للزوج باحثين بها عن البذرة الطيبة التي بداخله فنقول : أيها الأخ الحبيب : اترك الخمر .. وتب إلى الله من هذا المسكر ، اترك أصدقاء السوء أصدقاء الكأس ، فإنهم بئس الجليس وبئس الصديق ، إنهم من قال الله فيهم وفي صداقتهم : الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ {الزخرف: 67} وقال تعالى : وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا {الفرقان: 27 ــ 29}
أخي الحبيب: هل تقوى على عذاب الله في نار جهنم ؟ إن الخمر من كبائر الذنوب ، إن الخمر أم الخبائث ، متى ستتوب ؟ ولماذا التسويف في التوبة ؟ هل تضمن أن تعيش إلى الغد ؟ هل أخذت عهداً من ملك الموت أن لا يأخذك إلا بعد أن تتوب ؟ بادر أخي الحبيب إلى التوبة ما دام في العمر فسحة ، وما دام باب التوبة مفتوحا ، فإنه سيغلق إذا نزل بك الموت. قال تعالى : وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ {النساء: 18}
أخي الحبيب: إن حياة الطاعة حياة طيبة ، فيها راحة وأنس وطمأنينة ، جربها وستعرف الفرق بينها وبين حياة المعصية ، قال سبحانه : مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً {النحل: 97}
أخي الحبيب : إن سبب ضيق الرزق ، وضيق القلب ، وحياة الضنك التي تعيشها سببها المعصية، قال تعالى : وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه: 124}
أخي : اسمع نصح الناصحين الذين يريدون لك الخير والسعادة ، ومنهم زوجتك الصالحة الناصحة ، ودع عنك رفقاء السوء ، وعد لأسرتك ، وزوجتك وبناتك .
أما الأخت الفاضلة فنقول لها : إن مخالفة والدك في هذا الأمر معصية عليك التوبة منها ، وعليك أن تعلمي أن ما حدث قدر لا مفر لك منه ، ما أصابك لم يكن ليخطئك ، فارضي بقدره سبحانه ولا تقولي: لو ، بل قولي: قدر الله وما شاء فعل .
وبشأن سؤالك هل ضيق الرزق سببه ما عليه زوجك من المعصية ؟ نقول: إن من شؤم المعصية الحرمان من الرزق وقد أشرنا إلى ذلك في الكلام السابق، وسبق لنا فتوى بهذا الخصوص برقم : 41620 ، وأما هل يجوز لك الامتناع عن معاشرة زوجك في الفراش تأديباً له على معصيته؟ فلا يجوز لك ذلك ، بل عليك القيام بواجبك نحوه ، وإجابته إلى الفراش ، إلا في حال حصول الضرر عليك بمعاشرته في حال سكره ، فلا حرج عليك من الامتناع عنه, وسبق بيانه في الفتوى رقم : 46042.
وأما بشأن سؤالك هل لك طلب الطلاق؟ وهل من الأفضل الصبر عليه والبقاء معه ؟ نقول: أما من حيث الجواز ، فيجوز لك طلب الطلاق إذا كان الحال على ما وصفت ، لكن لا ننصحك بذلك إلا بعد استنفاد كل الوسائل .
ونوصيك بتقوى الله سبحانه وتعالى ، فإنه من يتق الله يجعل له مخرجاً ، وننصحك بالصبر واحتساب الأجر ، واللجوء إلى الله الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء بالدعاء أن يصلح حال زوجك ، ويكشف عنك السوء ، واعملي ما تستطيعين من أسباب هدايته من نصح ، وإهداء شريط ، وكتيب ، وفتوى كهذه إلى غير ذلك ، واحذري كل الحذر من أن يؤثر على بناتك أو عليك أنت ما دمت في عصمته . وفقك الله لما يحبه ويرضاه .
والله أعلم .