الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك شفاء تاماً لا يغادر سقماً، وأن يطيل عمرك في طاعته، وأن يقر عينك بذريتك، وأن يقر عينهم بك.
واعلمي أن الابتلاء سنة كونية، وأن الله سبحانه إذا أحب قوماً ابتلاهم، وأن من شأن المؤمن الصبر على البلاء فيزداد رفعة في درجاته، ولمعرفة بعض الأمور المعينة على تجاوز المصائب راجعي الفتوى رقم: 5249.
ثم إنه ينبغي أن يُعلَم أن الإصابة بالمرض لا تعني الموت بعده، فقد يموت سليم البدن عند حلول الأجل، ويشفى المريض ويعيش عشرات السنين بعده، وقد صدق من قال:
فكم من صحيح مات من غير علة * وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر
فلا ينبغي أن تيأسي من رحمة الله، بل عليك بالإكثار من دعائه والتضرع إليه في كل وقت وحين، وبخصوص ما أوردت من أسئلة فنجمل جوابها في النقاط التالية:
النقطة الأولى: أنه قد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 64214 جواز ترك التداوي ولو كان المرض قد يؤدي إلى الهلاك إذا لم يكن حصول الشفاء بالدواء المعين محققاً، ولكن لا ينبغي الإقدام على ترك التداوي دون استشارة الثقات وذوي الخبرة من الأطباء.
النقطة الثانية: أن أهم ما يتقرب به إلى الله سبحانه في كل وقت وحين أداء الفرائض واجتناب المحرمات، ثم التقرب إلى الله بالنوافل حسب الاستطاعة، وراجعي للمزيد من الفائدة بهذا الخصوص الفتوى رقم: 29051، والفتوى رقم: 24211.
ثم إن الصبر وإحسان الظن بالله تعالى عبادتان ينبغي أن تحرصي عليهما في مئل هذا الحال الذي أنت فيه.
النقطة الثالثة: أن لقبول العمل شرطين هما: الإخلاص وموافقة السنة، فإذا تحقق هذان الشرطان قُبِل العمل بإذن الله، ولا يضر حصوله في حال البلاء، بل إن الله سبحانه قد بين في كتابه أنه قد يبتلي عباده ليتوبوا، قال سبحانه وتعالى: وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {السجدة:21}، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 14005، والفتوى رقم: 31702.
والله أعلم.