الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ارتكبه والدك من أكل أموال اليتامى والمساكين إثم كبير وجرم عظيم. قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا {النساء: 10 } وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من المهلكات الموبقات في الحديث الثابت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن ؟ قال : الإشراك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات . فعليه التوبة إلى الله من ذلك ، وشرط صحة التوبة أن يرد كل ما أخذ من أموال الأيتام والمساكين ، أو طلب السماح منهم فإنه لا تبرأ ذمته إلا بذلك، فإن تاب توبة نصوحاً وبذل جهده في التخلص من هذه الحقوق وبدأ يدفع لمستحقيها ما وجد فنرجو أن يتقبل الله توبته ويعينه على إكمال أداء تلك الحقوق ، وليس عليك إثم فيما فعله والدك ما دمت لا تعلم بأمر هذه الأموال ، فلا تزر وازرة وزر أخرى.
وينبغي لك أن تسعى في سداد دين والدك براً وإحساناً منك به لا وجوباً ، بقدر سعتك واستطاعتك ، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، ويلزمك طاعة والدتك في ما أمرتك به من عدم السفر إلا بإذنها ورضاها ، وننصحك بالصبر على شظف العيش ، من أجل رضا والدتك ، واعلم أن طاعتها مقدمة على طاعة الوالد عند التعارض ، وسبق بيانه في الفتوى رقم : 33419 ، كما أن أمرها أرشد من أمر الوالد في هذه المسألة وذلك أن السفر إلى الغرب فيه ضرر على دينك ودين أبنائك ، وراجع الفتوى رقم : 2007 ، وفقك الله وأعانك على طاعته وعلى قضاء دين والدك .
والله أعلم .