الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يظهر لنا أن هذا الصندوق ما هو إلا عقد شركة لأن الغرض منه هو استثمار الأموال التي يقوم أعضاء الصندوق بدفعها، والشركة عقد من العقود الجائزة عند جماهير العلماء، ومقتضى ذلك أنه يجوز لأي شريك أن ينسحب من الشركة وقتما يشاء بشرط ألا يتسبب في ضرر لغيره من الشركاء، وليس للشريك عند الانسحاب من الشركة سوى رأس ماله مع نسبته من الربح إن كان ثم ربح، أو مخصوما منه نسبته من الخسارة إن كان ثم خسارة، قال الرملي في نهاية المحتاج - وهو شافعي - : وعقد الشركة جائز من الجانبين كما قال، ولكل من الشريكين فسخه متى شاء.انتهى. وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 48733، 62990، 65673.
وبناء على هذا يكون اشتراط حرمان الشريك من رأس ماله عند انسحابه من الشركة شرط باطل تفسد به الشركة؛ لأنه ينافي مقصود الشرع كما أنه ينافي مقتضى العقد. أما منافاته لمقصود الشرع فلما فيه من أكل أموال الناس بالباطل، وأخذها بغير طيب نفس منها؛ فإن نفوس البشر تأبى أن تؤخذ منها الأموال بلا مقابل، وقد قال تعالى: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل [البقرة: 188]، وفي الحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أبو داود وأحمد. وأما منافاته لمقتضى العقد فلأن مقتضى العقد في الشركات هو المشاركة في الربح والخسارة، وفي اشتراط ذهاب رأس المال لمجرد فض الشركة منافاة واضحة لهذا الأصل، ولمعرفة أقوال أهل العلم في حكم العقد المقترن بشرط باطل راجع الفتوى رقم: 49776، والفتوى رقم: 28039. وإذا فسدت الشركة كان الربح والوضيعة(الخسارة) على قدر مال الشركاء، ويتقاصون العمل فيما بينهم فيكون لكل واحد منهم على الآخر أجرة مثله فيما قام به من عمل. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 70128، 61694، 51623.
والله أعلم.