الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشكر الله لك هذه المشاعر الإيمانية الفياضة، واعلم أن تعلم العلم الذي أنت مشغل به وتسعى للتخصص فيه من فروض الكفاية التي تطالب بها الأمة الإسلامية وإذا لم تقم بها الأمة أثمت واحتاجت إلى غيرها.
هذا، وإذا احتسبت عملك في الإحسان إلى الخلق والرحمة بهم فإن ذلك من العبادة المتعدية التي يؤجر عليها المرء، وهي أفضل من العبادة التطوعية الفردية التي تقتصر منفعتها على العابد ولا تتعدى إلى غيره، وفي الحديث: ذهب المفطرون اليوم بالأجر. رواه البخاري ومسلم. وقال: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. رواه مسلم.
ولا ريب أن الطبيب الحاذق الماهر إذا تسبب في شفاء المريض المكروب ينفس عنه وعن أهله ومحبيه كربا عظيمة، فكيف إذا كان هذا المريض وهؤلاء المحبون مسلمين! وفي الحديث: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم. رواه الأصبهاني وابن أبي الدنيا، وحسنه الألباني.
فنصيحتنا لك أن تجيد في هذا الفن الذي أنت فيه وتبدع إلى أقصى حد يمكنك، وليكن نصب عينيك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء. رواه البخاري. وهذا يفتح للطبيب المسلم بابا عظيما للعمل والدراسة والبحث حتى يكشف أدوية لأمراض لم يصل الطب إلى علاج لها.
يقول ابن القيم: هذا الحديث تقوية لنفس المريض والطبيب وحث على طلب ذلك الدواء والتفتيش عليه. اهـ.
هذا، وحاول أن تنظم وقتك، وتتعهد قلبك بصلاة النافلة، وكذا قراءة ما تيسر من القرآن وبعض الكتب في أوقات الفراغ، وإذا علم الله صدق نيتك بارك لك في الوقت والعمر والعلم والعمل، وراجع الفتوى رقم:3249 ، والفتوى رقم: 8618.
والله أعلم.