الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أيها الأخ الكريم أن دفتر التوفير في البنك الربوي حقيقته أنه قرض بفائدة، ولا مجال للقول أنه استثمار مشروع، ولا عبرة بالأسماء والعناوين إذا كانت الحقائق على خلافها، فصاحب الدفتر يدفع مبلغا من المال إلى البنك على أن يكون البنك ضامنا لهذا المبلغ خسر البنك أو ربح، وعلى أن يدفع لصاحبه فائدة مقدرة بالنسبة إلى رأس المال قد تختلف من سنة إلى أخرى، ولا ريب أن هذا ليس استثمارا مشروعا بل قرض ربوي لا مرية فيه، وما كان كذلك فليس لصاحب الدفتر إلا رأس ماله، ودليل ذلك الآية الكريمة التي أشار إليها السائل في سؤاله وهي قوله تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 279} قال الإمام الجصاص في أحكام القرآن: لا تَظلمون بأخذ الزيادة، ولا تُظلمون بالنقصان من رأس المال. اهـ
فالمقصود أنه ليس لك إلا رأس مالك الذي وضعته في البنك أولا، وكل الفوائد التي نتجت عنه لا تحل لك ومصرفها مصالح المسلمين العامة.
واعلم أنك إذا تخلصت من الفوائد الربوية لا تتضرر بفقد مالك؛ لأن هذه الفوائد ليست ملكا لك ولاهي من مالك، وإنما يحصل الضرر بفقد رأس مالك وقد أبقاه الشرع لك ولم يأمرك بالتخلص منه.
وأما قولك: إن قيامك بوضع مالك في البنك الإسلامي يخرجك من دائرة الشبهات فنعم ولكن هذا فيما يستقبل، أما ما مضى، فأنت مطالب بالتوبة منه ولا تتم التوبة إلا بالتخلص من الفائدة.
والله أعلم.