الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد نقل ابن حجر في الفتح عن القرطبي أنه قال في المفهم: محل النهي عن إطلاقها ـ يعني لو ـ إنما هو فيما إذا أطلقت معارضة للقدر مع اعتقاد أن ذلك المانع لو ارتفع لوقع خلاف المقدور؛ لا ما إذا أخبر بالمانع على جهة أن يتعلق به فائدة في المستقبل، فإن مثل هذا لا يختلف في جواز إطلاقه، وليس فيه فتح لعمل الشيطان، ولا ما يفضي إلى تحريم.
وقال النووي في شرح مسلم: أما من قالها تأسفا على ما فات من طاعة الله تعالى أو ما هو متعذر عليه من ذلك ونحو هذا فلا بأس به. وعليه يحمل أكثر الاستعمال الموجود في الأحاديث. والله أعلم.اهـ
وبناء عليه نقول: إن كان استعمال (لو) في لوم النفس على تفويت أمر محمود فلا بأس بذلك، وإن كان على تفويت أمر غير محمود فإنه داخل في النهي.
ولتتمة الفائدة نذكر ما قاله الشيخ ابن عثيمين في استعمالات (لو) وحكم كل استعمال، فقال قال في شرح كتاب التوحيد:
1- الاعتراض على الشرع وهو محرم، كقول المنافقين: لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا {آل عمران: 168}
2- الاعتراض على القدر وهو محرم أيضا، كقوله تعالى: لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا {آل عمران: 156}
3- الندم والتحسر وهو محرم أيضا، كحديث: لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان. رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، ومن استعمل ليت لمعنى من هذه المعاني المحرمة فهي حرام.
4- الاحتجاج بالقدر على المعصية وهو محرم، كقول المشركين: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا {الأنعام: 148} وقولهم: لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ {الزخرف: 20}
الخير المحض وهذا جائز، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي. متفق عليه عن جابر. اهـ بتصرف.
والله أعلم.