الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعورة التي يجب على المرأة سترها أمام النساء المسلمات هي ما بين السرة والركبة ، وهذا إذا أمنت الفتنة وعدم التصوير؛ وإلا فيجب عليها أن تستر بدنها الستر الشرعي .
ولا بد لنا هنا أن نفرق بين مقامين :
المقام الأول : بيان الحكم الشرعي .
المقام الثاني : بيان الأدب الشرعي .
أما بيان الحكم الشرعي فما سبق .
وأما بيان الأدب الشرعي فأعظم من ذلك ، إذ صاحب الحياء والحشمة يستر ما يكون في كشفه خرم مروءة وإن لم يكن ما ستره داخلا في حدود العورة ، فإذا تخيلنا الرجال -مثلا- قد خرجوا من منازلهم إلى وظائفهم وأعمالهم وأسواقهم وطرقاتهم لا يسترون إلا العورة فقط ، وكانت أجزاء من بطونهم وظهورهم مكشوفة لكان ذلك منظرا يبعث على النفور وتنكره الطباع السوية .
وعليه؛ فالأدب الإسلامي يقتضي أن تبقى الحشمة والستر ، ولا بأس بأن تتزين المرأة أمام النساء ولكن بما لا يكون فيه إسفاف وقلة حياء ، فالحياء لا يأتي إلإ بخير ، والحياء مع التقوى رأس مال الصالحين والصالحات ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : الحياء والإيمان قرنا جميعا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر . رواه الحاكم في المستدرك وقال : هذا حديث صحيح على شرطهما ، قال الذهبي في التلخيص : على شرطهما أي البخاري ومسلم .
وأما عن وضع المكياج فسبق الجواب عنه في الفتوى رقم : 24395 ، والفتوى رقم : 4052 .
وكشف المرأة لغير عورتها عند النساء مقيد بأمن الفتنة وعدم اطلاع الرجال عليها ، فإذا وجدت الفتنة بأن افتتن بعض النساء ببعض وجب الستر ، وكذا إن علمت أو ظنت ظنا غالبا اطلاع الرجال عليها وجب عليها الستر والتحشم .
وأما معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : كاسيات عاريات . فبين المراد منه الإمام النووي في شرح مسلم فقال : قيل: معناه كاسيات من نعمة الله عاريات من شكرها ، وقيل: معناه تستر بعض بدنها وتكشف بعضه إظهارا بحالها ونحوه ، وقيل: معناه تلبس ثوبا رقيقا يصف لون بدنها . اهـ .
والله أعلم .