الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الربا من الكبائر التي حرمها الإسلام ونهى عنها نهياً غليظاً قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ {البقرة: 278 ـ 279 }
ومعنى الربا في اللغة : الزيادة ، وفي اصطلاح الفقهاء : هو زيادة أحد البدلين المتجانسين ( أي اللذان هما من جنس واحد ) من غير أن يقابل هذه الزيادة عوض .
وينقسم الربا إلى قسمين:
الأول : ربا النسيئة : ويكون بالزيادة المذكورة في مقابلة تأخير الدفع أو بتأخر القبض وإن استويا، كبيع صاع قمح بصاع قمح لكن تأخر قبض أحدهما ولذا يسمى هذا القسم بربا النسيئة أي التأخير ، ومن هذا القسم ما هو معروف اليوم في البنوك الربوية من الإقراض بفائدة ، وقد يسمى أحياناً صكوك استثمارية أو شهادات استثمار ونحو ذلك من المسميات التي لا تغير من حقيقة الأمر شيئاً .
الثاني : ربا الفضل هو أن تكون الزيادة المذكورة مجردة عن التأخير فلم يقابلها شيء كمن اشترى إردباً من القمح بإردب وكيلة من القمح ، وكما إذا اشترى جنيها بجنيه وربع .
ويدل على تحريم القسمين حديث : الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر . مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد . فهذا الحديث يدل على أنه لا يجوز بيع شيء من هذه الأصناف المتجانسة بمثله مع الزيادة ، وأنه لا يجوز تأجيل التقابض فيها .
هذا والنقود الورقية اليوم تقوم مقام الذهب والفضة لاشتراكها معهما في العلة وهي الثمنية .
وبعد ما تقدم نقول رداً على استشكال السائلة في قولها إنه من غير المعقول أن يحرم الله شيئاً ثم لا يكون هناك بديل حلال لذلك المحرم ، نقول من قال إنه لا يوجد بديل للربا والله تعالى يقول : وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا {البقرة: 275 } فالبيع والمضاربة ونحو ذلك من البدائل الحلال ، ونرجو أن تراجعي في بديل الصكوك الربوية الفتوى رقم : 2699 ، لتقفي على تفصيل الصكوك الاستثمارية المباحة التي تجريها البنوك الإسلامية وتسمى هذه الصكوك بصكوك المقارضة ، كما نرجو مراجعة الفتوى رقم : 36524 ، لمعرفة علاقة البنوك الاسلامية بالبنك المركزي ففيها جواب مختصر على شبهة أنه لا فرق بين البنك الربوي والبنك الإسلامي ماداما كلاهما يخضعان للبنك المركزي .
والله أعلم .