الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الكذب حرام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا . رواه مسلم ، ورواه البخاري بلفظ قريب منه .
وإذا احتاج المسلم لعدم الإخبار بالحقيقة فيمكنه أن يلجأ إلى التورية ومعاريض الكلام حتى لا يقع في الكذب ، والتورية معناها أن يتكلم المتكلم بكلام له معنى ظاهر ، ومعنى آخر خفي ، ومقصود المتكلم هو المعنى الخفي ، قال البخاري في صحيحه: ( باب المعاريض مندوحة عن الكذب ) وقال عمران بن الحصين رضي الله عنه: إن في معاريض الكلام لمندوحة عن الكذب. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: في المعاريض ما يكفي المسلم الكذب. رواهما البخاري في الأدب المفرد ، وصححهما الألباني .
فإن كنت أيها السائل بحاجة إلى عدم الإخبار بالحقيقة فإنه يجوز لك التورية بشرط ألا يكون المال قد سرق بسبب تفريطك وإهمالك في حفظه ، لأنك في هذه الحالة مطالب بضمان هذا المال ، كما بينا في الفتوى رقم : 70056 ، وقد يكون في توريتك حينئذ ضياع لحقوق الطلاب ، وقد نص العلماء على تحريم التورية إذا أدت إلى أخذ باطل أو دفع حق ، قال النووي في ( الأذكار ) عن حكم التورية والتعريض : فإن دعت إلى ذلك مصلحة شرعية راجحة على خداع المخاطب أو حاجة لا مندوحة عنها إلا بالكذب فلا بأس بالتعريض ، وإن لم يكن شيء من ذلك فهو مكروه وليس بحرام ، إلا أن يتوصل به إلى أخذ باطل أو دفع حق فيصير حينئذ حراما ، هذا ضابط الباب .
والله أعلم .