الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية نذكر الأخ بقوله تعالى : وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {النور: 47 ـ 51} دفعنا إلى تذكيرك بهذه الآيات قولك (لا أريد نصيحة في ذلك) مع ادعائك الالتزام والتدين ، وكأنك تقول: أنا هكذا فأريد الشرع أن يكون كما أريد ، ولا أريدكم أن تقولوا لي الشرع يريد منك كذا ، وهذا غير صحيح بل مناف للإيمان، فقول المؤمن لحكم الله كما قال سبحانه ( سمعنا وأطعنا ) وموقفه منه كما قال تعالى : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {الأحزاب: 36}
ثم نقول للسائل: إن للوالدين حقاً عظيماً ونحيلك لمعرفته على الفتوى رقم : 4296 .
ثم اعلم أن حق الوالدين لا يسقطه عصيانهما ولا حتى كفرهما بالله -والعياذ بالله- بل يصاحبان في الدنيا معروفا كما أمر الله تعالى بقوله : وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان: 14 ـ 15}
ولعل صلتهما ودعوتهما إلى الله تعالى يؤثران فيهما فيؤوبان إلى رشدهما ، فينصح الوالد ويبين له أن سب الدين كفر أكبر مخرج من الملة ، وينصح الوالدان ويبين لهما عدم مشروعية العلاقة بينهما إذا كان قد وقع الطلاق ثلاثا ، ولا يبرر ما هم فيه من المعصية عقوقهما وهجرهما ، بل يجب برهما وصلتهما ، ليس بالمال فحسب بل بكل ما هو ممكن من الزيارة ونحو ذلك .
فعلى الأخ أن يحذر من هجر والديه وقطعهما ، فإن هذا من العقوق ، وعقوق الوالدين كبيرة من الكبائر ، وتراجع الفتوى المحال عليها .
والله أعلم .