الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد حرصت الشريعة على تيسير أمر الزواج، فكرهت التغالي في المهور، وأخبرت أن المهر كلما كان قليلاً كان الزواج أعظم بركة، وأن قلة المهر من يمن المرأة، فعن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها. أخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي وقال الألباني وهو عندي حسن.
فينبغي لأولياء الأمور أن ييسروا زواج بناتهم ومولياتهم، وأن لا يضعوا العراقيل في طريقه، وأن لا يكون همهم المال على حساب سعادة بناتهم، فهذه دعوة للأولياء عموماً ولهذا الأب خصوصاً، وأما منعه لك من الكلام مع الفتاة فله ذلك إذ ليس بينك وبينها عقد نكاح، وأما الخطبة فلا يحل بها شيء مما كان محرما قبلها، ما عدا النظر إلى الوجه والكفين، مع أن الكلام للحاجة جائز مع الأجنبية مخطوبة كانت أو غيرها.
وأما سؤالك هل ما حصل بينكم خطبة، فجوابه: نعم فما دام وعدك بالزواج بابنته، وتحدثتم في أمور الزواج فهذه خطبة وتبقى كذلك حتى ينهيها أحد الطرفين، فالخطبة وعد بالزواج، ولا تحتاج لشيء غير ذلك، فإذا وافق الولي والفتاة على الزواج فهذه هي الخطبة، وهي ليست شرطاً، فيمكن إجراء عقد النكاح والدخول بدون خطبة، أما هل يجوز الكلام مع الفتاة دون علم أهلها فتقدم جوابه، ولا يجوز للغير خطبة المخطوبة، فإن الخطبة على الخطبة بعد ركون الفتاة ووليها حرام حتى تفسخ الخطبة.
وأما سؤالك هل يحق لك أن تطلب سماع رأي الفتاة، فماذا تصنع برأي الفتاة إذا رفض الولي، فالولي شرط لصحة النكاح، ولا نكاح بلا ولي، أما هل لك أن تقاضيه على ما فعل بك، فبعد أن يقع منه الخلف في وعده، فيمكنك بعد ذلك مقاضاته، حيث يلزم الواعد قضاء بالوفاء بالوعد إذا أدخل الموعود في كلفة، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 62371، أما ما دام على وعده، ولم يخلفك فعلى ماذا تقاضيه؟.
والله أعلم.