الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ورد في النصوص أن الإنسان لا يعمل عملا أو يتلفظ بكلمة إلا لديه ملائكة يرقبون ذلك قال تعالى :وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ {الإنفطار: 10 ـ 12 } وقال جل من قائل : مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ { ق: 18 } وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان يكتب كل شيء صدر عن الإنسان كالحركة والسكون والنوم والكلام وغير ذلك ، أم أنه لا يكتب إلا ما فيه ثواب أو عقاب ، قال القرطبي في تفسيره : قال ابن الجوزاء ومجاهد يكتب على الإنسان كل شيء حتى الأنين في مرضه ، وقال عكرمة لا يكتب إلا ما يؤجر به أو يؤزر عليه ، وقيل يكتب عليه كل ما يتكلم به ، فإذا كان آخر النهار محي عنه ما كان مباحا ، نحو : انطلق ، اقعد ، كل، مما لا يعلق به أجر ولا وزر. وذكر ابن كثير أن ظاهر الآية العموم .
وعلى أي من الأقوال اعتمدنا ، فإن ما ورد في السؤال يحتاج إلى دليل ، لأنه كلام في أمور غيبية ، والأمور الغيبية مبناها على التوقيف ، وكل ما لم يرد له دليل في الشرع مما له صلة بالغيب أو العبادة فهو بدعة داخلة في قوله صلى الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد .
وعليه فإننا ننصح الشباب والشيوخ وكل من أراد الكلام في الدين أن يتوخى الصحة، ويتجنب كل ما لم يرد له في الشرع دليل ، فإن من الذنوب العظيمة أن يقول المرء على الله ما لا علم له به . قال تعالى : قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ {الأعراف: 33 } .
والله أعلم .