الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا حكم كتابة الروايات والقصص الأدبية والخيالية وقصص الحب العذري وذكرنا أن حكمها الشرعي ينبي على مضمونها وقصد صاحبها ، وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية : 47548 ، 25473 ، 13278 .
وننبهك إلى أن الإغراق في قصص أولئك القوم مضيعة للوقت وإهدار للطاقة ، ونتيجته الحتمية هي ما ذكرت من عشق لها وربما لأصحابها وهذا خطير جدا لأن المرء مع من أحب كما عند البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : المرء مع من أحب . وفي رواية عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قوما ولم يلحق بهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المرء مع من أحب . فقراءتك لقصص القوم أورثتك محبتهم ولا يجتمع حب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم مع حب من يحادون الله ورسوله فقد قال تعالى : لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ {المجادلة: 22 }
كما أن شغل الوقت جميعه بقراءة مثل ذلك والكتابة فيه لمجرد التفكه من الباطل المذموم شرعا .
وقد بينا ضوابط جواز تعلم الثقافة الغربية وخطورة الانبهار بها في الفتوى رقم: 46650 .
وننبهك إلى أن التربية لديهم لا ينبغي لعاقل أن يتخذها مثالا يحتذى، فهم وإن كانت لديهم بعض الجوانب الإيجابية في ذلك فسيئاتهم تغلب حسناتهم؛ لأنهم يهملون الجوانب الإيمانية والسلوكية لدى الطفل ولايربونه على احترام أبويه فينشأ مستقلا عنهما فلا سلطة لهما عليه، وفي الأغلب إنما يضعونه في دور التربية والرعاية فلا يعرفهم ولا يعرفونه، وهكذا فلا مجال للمقارنة بينهما وبين التربية الإسلامية المتكاملة في جميع جوانبها حيث تلحظ سلوك الطفل قبل التئام أبويه إلى أن يشب عن الطوق وذلك باختيار الزوجة الصالحة والمغرس الطيب الكريم ، ثم ما يلزم بعد ذلك من آداب وسنن تعيذه من الشيطان ونزغاته إلى أن يولد فيسمى بأحسن الأسماء وأجملها وأصدقها وهلم جرا... وأي معنى أعظم أو دلالة أبلغ في ذلك من جعل الإسلام تربية الأبناء ورعايتهم من الأمانة التي سيسأل عنها المرء يوم القيامة كما في الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته ، قال وحسبت أن قد قال والرجل راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته ، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته . وخطأ بعض الآباء أو الأمهات أو البيئات لا ينبغي أن يعمم حتى يلام به مجتمع بأسره ، وينبغي تنبيه المخطئ إلى خطئه ومناصحته ولو كان أبا أو أما أو مدرسة أو غيرها لكن بالحكمة والموعظة الحسنة، ولمعرفة أهمية التربية في الإسلام انظري الفتاوى التالية : 13767 ، 17078 ، 16800 .
والذي ننصحك به أيتها الأخت الكريمة أن تقبلي على كتاب ربك وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة بدل ما أنت عليه، وانظري هل يسرك أن تبقى بعدك تلك القصص التي قد يكون من أهون مخاطرها وسيئاتها أن تشيع الفاحشة وتدعو إلى الحرام وتعظم أصحابها في نفوس نشء المسلمين وقد يكون فيها ماهو كذب وتلفيق ، وهذا كاف في تحريمها ولا يثقل عليك أن تُتْلفي ما أعددت منها فلك في الصحابة أسوة حسنة يوم حرمت عليهم الخمر فأراقوها حتى سالت منها أزقة المدينة ، هذا إذا تضمنت تلك القصص ما ذكرناه وهو الغالب فيها لكونه جزءا من حياة أصحابها وسبق التفصيل في الفتوى المحال إليها، وانظري إلى ما كتبت من أي تلك الأقسام .
وينبغي أن تسعي في دعوة زميلاتك إلى الله ونصحهن وتحذيرهن من الحرام، وابحثي عن رفقة صالحة تعينك على الالتزام وتذكرك بالله عز وجل، فالدعوة مسؤولية الجميع ليست لكبير عن صغير أو لذكر عن أنثى .
وأما سؤالك عن المدارس وغيرها لماذا لا تهتم وتولي التربية عناية بالغة عوض ما توليه الأنشطة التي قد لا تكون لها أهمية كبيرة، فهذا السؤال ينبغي أن يوجه إلى إدارات المدارس ومؤسسات التربية والتعليم ، فهم الذين يملكون الإجابة عليه ، وأما المشايخ وطلبة العلم فإن صدورهم مفتوحة وأبوابهم مشرعة لكل من أراد التعلم والسؤال عن أمر دينه وما هذا الموقع إلا مثال بسيط على ذلك ، وننبهك إلى أن من أقسامه قسم الاستشارات الدعوية والطبية إضافة إلى قسم الفتوى وغيره من الأقسام . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
والله أعلم .