الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالظاهر من السؤال أن صاحب الأرض يدفع أرضه للعامل ليغرس فيها شجرا على أن تكون الثمرة بينهما إذا أثمر ، وهذه إحدى صور المساقاة الصحيحة في الراجح ، وهو مذهب الحنابلة ، قال ابن قدامة في المغني ـ وهو حنبلي ـ : وإن ساقاه على شجر يغرسه ، ويعمل فيه حتى يحمل ، ويكون له جزء من الثمرة معلوم ، صح أيضا ، والحكم فيه كما لو ساقاه على صغار الشجر ، على ما بيناه ، وقد قال أحمد ، في رواية المروذي ، في رجل قال لرجل : اغرس في أرضي هذه شجرا أو نخلا ، فما كان من غلة فلك بعمل كذا وكذا سهما من كذا وكذا ، فأجازه ، واحتج بحديث خيبر في الزرع والنخيل ، لكن بشرط أن يكون الغرس من رب الأرض ، كما يشترط في المزارعة كون البذر من رب الأرض ، فإن كان من العامل خرج على الروايتين ، فيما إذا اشترط البذر في المزارعة من العامل . انتهى .
أما الشافعية فلا يجيزون المساقاة في غير الكرم ( العنب ) والنخيل ، والحنفية لا يجيزون المساقاة أصلا ، فتكون الصورة الواردة في السؤال ليست مفترضة عندهما .
والراجح جواز المساقاة في جميع أنواع الشجر المثمر .
وبناء على ما رجحناه يكون ثمن شراء موتور المياه على رب الأرض تخريجا على عمل الدولاب ( الآلة التي تدور لاستخراج الماء من البئر ) قال ابن قدامة : وعلى رب المال ما فيه حفظ الأصل ، كسد الحيطان ، وإنشاء الأنهار ، وعمل الدولاب ، وحفر بئره ، وشراء ما يلقح به. وعبر بعض أهل العلم عن هذا بعبارة أخرى فقال : كل ما يتكرر كل عام فهو على العامل ، وما لا يتكرر فهو على رب المال ، وهذا صحيح في العمل . انتهى .
ويكون الوقود اللازم للموتور على العامل تخريجا على ثور الدولاب فهو على العامل في الراجح ، وكذا إطعامه ورعايته ، وهو الذي رجحه ابن قدامة في المغني فقال : فأما البقرة التي تدير الدولاب فقال أصحابنا : هي على رب المال ، لأنها ليست من العمل ، فأشبهت ما يلقح به ، والأولى أنها على العامل ، لأنها تراد للعمل ، فأشبهت بقر الحرث ، ولأن استقاء الماء على العامل إذا لم يحتج إلى بهيمة فكان عليه ، وإن احتاج إلى بهيمة كغيره من الأعمال . انتهى .
والله أعلم .