الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالضمان البنكي أو خطاب الضمان إنما هو تعهد يصدر من البنك بدفع مبلغ معين لجهة أخرى ، بناء على طلب أحد عملائه عند القيام بالدخول في مناقصه ، أو تنفيذ مشروع بأداء حسن ، ليكون استيفاء الجهة المستفيدة من هذا التعهد متى تأخر أو قصر العميل في تنفيذ ما التزم به .
وخطاب الضمان الذي تصدره البنوك من حيث هو جائز ، لأنه إما كفالة أو وكالة وهما جائزان في الشريعة مالم يصاحبهما ما يفسدهما .
وقد نص قرار مجمع الفقه الإسلامي على أن خطاب الضمان كفالة إن كان غير مغطى ، ووكالة إن كان مغطى ، كما في قرار مجمع الفقه في دورته المنعقدة عام 1985 م ، ولك أن تراجع في أحكام خطاب الضمان فتوانا رقم : 26561 ، هذا وللبنك أن يطلب من العميل الذي يصدر الضمان له رهنا يغطي هذا الضمان كليا أو جزئيا .
والذي فهمناه من سؤالك هو أن البنك يقوم بإعطاء خطابات ضمان لعملائه بقدر المبالغ التي أودعها فيه أولئك العملاء ، ثم يسمح لهم بعد ذلك بسحب نسبة من تلك الأموال ليستعينوا بها في تنفيذ المشاريع التي هي موجب الضمان ، ويحتجز الباقي منها لضمان الوفاء بالمشروع ، وذكرت أنه لا يأخذ مقابلا ماديا على هذه الكفالة ، فإذا كان الأمر كذلك فإنا لا نرى وجها للاختلاف في إباحة تسييل قيمة الضمان البنكي بكاملها أو تسييل نسبة منها على الوجه المذكور ، إذ هو لا يعدو كون البنك ضمن مبلغا من المال لجهة معينة بدون رهن من الشخص المضمون ، وهو أمر لا يختلف في صحته .
والذي يمكن أن تكون إباحته أو تحريمه محل نظر ، هو أصل الضمان بالكيفية المذكورة ، لأن البنك إذا كان لا يضمن إلا بشرط وجود مبلغ مودع عنده ، فإن هذا المبلغ إذا كان يحوزه حوز الرهان ولا يتصرف فيه ، فهو أمر مباح ، لأنه مجرد ضمان برهن ، وإن كان يحوزه حوز القروض ، ويتصرف فيه كذلك فهو أمر غير مباح لأنه قرض جر منفعة .
والله أعلم .