الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن على المرء أن يسعى في رضا والديه والاستجابة لما يطلبانه منه مما هو مباح وليس عليه فيه مشقة يصعب تحملها، فقد أمر الله تعالى بطاعتهما والإحسان إليهما وربط رضاه برضاهما، فقال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36}، وفي الحديث: رضا الرب من رضا الوالدين، وسخط الرب من سخط الوالدين. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
ويتأكد ذلك عند كبرهما وضعفهما. قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 22-24}.
وقال صلى الله عليه وسلم: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة رواه الترمذي،
فإذا لم يكن للوالدة من يقوم بخدمتها ورعايتها، والقيام بمصالحها، واحتاجت إلى ابنتها المطلقة، فعليها طاعتها بالسكن معها، وعليها بالصبر عليها، واحتساب الأجر، وتراجع الفتوى رقم: 22112، والفتوى رقم:24850،
وأما إذا كانت الأم غير محتاجة للخدمة والرعاية وكان هناك من يقوم بهذا الأمر من الإخوة والأخوات، وكان في سكنها معها مشقة عظيمة عليها، فلا حرج من عدم طاعتها في هذا الشأن، وعليها أن تبرها وتصلها بالزيارة وغيرها، مع محاولة إقناعها بموقفها برفق.
والله أعلم