الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أخذ المال العام بغير حق، ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإن هذا المال حلوة... من أخذه بحقه فنعم المعونة، ومن أخذ بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع. وفي رواية لهما: ويكون عليه شهيدا يوم القيامة.
وفيهما عن أبي حميد مرفوعا: والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله تعالى يوم القيامة يحمله.
وفي البخاري عن خولة الأنصارية مرفوعا: إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة.
وإذن الآمر في أخذ شيء من المال العام لا يسوغ ذلك ما لم يكن مخولا به من الجهات المختصة.
والذي تبرأ به الذمة في هذا الموضوع هو التخلص من هذا المال، بإرجاعه إلى بيت مال الدولة إذا كان القائمون عليه يعدلون فيه جباية وتوزيعا، وإلا لم يجز إرجاعه إليهم. بل يصرف في مصالح المسلمين العامة، كالقناطر والمساجد ومصالح الطريق ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه، وإلا فيتصدق به الشخص على فقير أو فقراء ولو كانوا من الأقارب بشرط أن يكونوا ممن لا تجب عليه نفقتهم.
وينبغي أن يتولى ذلك القاضي إن كان عفيفا، فإن لم يكن عفيفا لم يجز التسليم إليه، بل ينبغي أن يحكم في ذلك رجل من أهل البلد ذو دين وعلم، فإن لم يكن ذلك تولى الأمر بنفسه، فإن المقصود هو الصرف إلى الجهة المستحقة.
والله أعلم.