الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم -أيها الأخ الكريم- أن الشيطان عدو للإنسان يسعى بشتى الوسائل للإيقاع بين المؤمنين، ففي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم.
وفي الصحيحين من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. واللفظ للبخاري.
وقال الحسن بن علي رضي الله عنهما: لو أن رجلا شتمني في أذني هذه واعتذر في أذني الأخرى لقبلت عذره. ومن النظم في معناه:
قيل لي قد أسا إليك فلان * وقعود الفتى على الضيم عار
قلت قد جاءنا فأحدث عذرا * دية الذنب عندنا الاعتذار
فعليكم أن تبلغوا كلا من ذينك الطالبين ما كتبناه في هذه الفتوى، وليدع كل منهما الإصرار على موقفه، طاعة لله ومعصية للشيطان.
وليعلم كل أنه سواء كان الاعتذار أمام الطلاب الخمسة الذين حضروا المشاجرة، إضافة إلى المعتدى عليه ومجموعته، أو كان أمام الطلاب الخمسة الذين حضروا المشاجرة فقط، فإن أي شيء من ذلك لا يجلب نفعا للمعتدى عليه، ولا ضررا على المعتدي، وإنما هو تحريش من الشيطان، يريد أن يحول دون استرجاع ما كان من الألفة بين الطلاب.
وليعلموا أن السابق إلى تلبية طلب خصمه أكثر أجرا، لما في ذلك من رأب الصدع وقطع الشحناء.
والله أعلم.