الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن الغايات التي يحرص عليها الإسلام بناء الأسرة المسلمة، والحفاظ على بنائها من التصدع والانهيار، ولذا حرص الإسلام على استمرارية الحياة الزوجية ودوامها، وانظري الفتوى رقم: 18440.
وسمى العقد بين الزوجين، بالميثاق الغليظ، فقال: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء: 21].
فلا ينبغي تعريض الحياة الزوجية لما يوهنها ولا التفكير في قطعها لأدنى سبب، وما ذكرت الأخت من أسباب لتفكيرها في قطع هذه العلاقة، لا تدعو لذلك، وإنما تحتاج إلى جلسة صدق ومصارحة، ونقول للأخت: أعطي زوجك فرصة أخرى، لا تستعجلي في هذا القرار لما له من آثار سيئة سواء على الطفلة التي ستعيش بعيدة عن أحد أبويها، أو عليك فربما لا تجدين زوجا آخر، فتقاسين مرارة العزوبة وكآبة الوحدة، فلا يخفى عليك أن كثيرا من الفتيات الأبكار لا يجدن من يتقدم لهن، فكيف بالمطلقة ومن لديها طفل، ثم إن الزوج القادم - إن أتى - قد يكون أسوأ من الموجود، فننصحك بالتروي كثيرا قبل اتخاذ هذا القرار والاستشارة والاستخارة، وإياك أن تكفري النعمة، فزوجك ليس سيئا جدا، نعم هذه الممارسات لا يقرها الشرع ولا الخلق، ولكنها بالنسبة لغيرها من الصفات أهون، ثم يمكن علاجها بوسائل غير الطلاق، نذكر بعض هذه الوسائل على سبيل المثال:
- يمكنك أن تجربي ترك البيت دون نظافة فترة من الوقت حتى يرى الزوج الجهد الذي تبذلينه ويحس بالفرق بين النظام والنظافة وبين عكسهما.
- يمكنك أن تهدديه بترك العمل (الوظيفة) والبقاء في البيت إذا لم يساعدك في النظافة والحفاظ على النظام في البيت، هذا إذا كان حريصا على بقائك في العمل.
- يمكن تهديده بقطع المال عنه، أو إغرائه به، بأن تمتنعي عن دفع الإيجار أو نحوه مما عودتِه على دفعه، إن لم يحافظ على النظافة، وبدفع ذلك إن هو التزم النظام، مع العلم أنه لا يلزمك شرعا دفع إيجار ولا غيره، بل يجب على الزوج أن يوفر لك المسكن والمأكل والملبس وأنت جالسة في بيتك.
وهناك الكثير من الوسائل التي تستطيعين أن تحلي بها هذه المشكلة وتغيري بها زوجك، مع تذكيره ونصحه بالتي هي أحسن.
كما ننصح الزوج بأن يعاشر زوجته بالمعروف، وأن لا يكلفها من العمل ما لا تطيق، كما ينبغي له أن يكون عونا لها في عملها المنزلي كما كان يفعل الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، أخرج البخاري عن الأسود قال: سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله -تعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة . وفي مسند أحمد وصححه الأرناؤوط عن عروة عن أبيه، قال: سأل رجل عائشة هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته شيئا؟ قالت: نعم؛ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله ويخيط ثوبه ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته.
والله نسأل أن يصلح حالكما ويهديكما إلى كل خير
والله أعلم.