الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الزنا كبيرة من الكبائر العظام، وقد سماها الباري فاحشة، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32}، وقد قرن الكلام عن الزنا بالكلام عن الشرك وقتل النفس، وذلك في الحديث عن صفات عباد الرحمن، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:68-69-70}.
فأخلصي في توبتك إلى مولاك واندمي على ما مضى، ومن تاب تاب الله عليه، قال تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة:104}، وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ {الزمر:53-54}.
واعلمي أن الذي يحفظ المؤمن من الوقوع في الحرام هو أن يسد على الشيطان مجاريه، ويقطع عليه حبائله، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ {النور:21}، وتجنبي الخلوة مع السائق وغيره، فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما.
ثم إنه ليس من المستبعد أن يكون سبب ما وقع عليك من الظلم هو ما كنت قد وقعت فيه من المعصية، فإن المؤمن يعاقب بالبلاء على بعض الذنوب، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد العمر إلا البر. رواه أحمد والسيوطي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وحسنه السيوطي. ونسأل الله أن يعصمنا وإياك من كيد الشيطان، ويمن علينا بالتوبة والمغفرة.
والله أعلم.