من وفق للتوبة فقد وفق لخير كثير

15-3-2006 | إسلام ويب

السؤال:
مشكلتي صعبة وليست سهلة. وإن لم يتداركني ربي برحمته آتيه وأهلك ، أنا مبتلى بمعصية منذ سنين عدة أكثر من 14 سنة وعمري فقط 29 سنة تحطمت آمالي وطموحاتي وضعفت شخصيتي إلى أقصى حد أورثتني هذه المعصية ذلا و مهانا وكم عزمت وتبت وكل مرة أرتكب نفس المعصية فتتحطم نفسي أكثر فأكثر رغم أنني أحافظ على صلواتي ما أمكن وأطالع بعض الكتب لعلمائنا الأفاضل فكرت كثيرا وكثيرا وحزنت كثيرا وكثيرا ويعلم الله كم أعاني فما وجدت إلا حلا واحدا هو أن أغادر مدينتي إلى مدينة أخرى( حقيقة أجد راحة عند سفري وأحس بانتعاش حياتي من جديد..) إلا أنني أعمل في هذه المدينة وأخشى أن أغامر بعملي ولا أجد أي عمل آخر خصوصا في هذه الظروف الصعبة هنا في المغرب، من فضلكم ساعدوني لكي أجد حلا في أقرب وقت إن شاء الله ؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد وأن يمن عليك بما يزيل همك ويذهب غمك إنه رؤوف رحيم .

وننبهك أيها السائل الكريم إلى أنك لم تبين لنا ما نوع المعصية التي وقعت فيها ولكنا نبشرك أن جميع الذنوب مهما عظمت وكبرت فرحمة الله أكبر منها ومغفرته أوسع : إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53 } ونبشرك أيضا أن من نعمة الله عليك شعورك بحرارة المعصية وذلها وإنابتك إلى ربك، فمن وفقه الله للتوبة فقد وفق لخير كثير : ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة: 118 } فاحمد الله سبحانه وتعالى على ما وفقك إليه من قراءة الكتب النافعة والمحافظة على الصلوات، ولكن انظر إلى خشوعك في الصلاة ومدى إقامتك لها على الوجه المطلوب شرعا، فمن أقامها حقا نهته عن الفحشاء والمنكر كما قال المولى جل وعلا :  إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {العنكبوت: 45 } فتب إلى ربك واستغفره من ذنبك وأبشر بتوبته إن صدقت توبتك ولا تبق في نفسك شكا ولا ريبا من أن الله لم يغفر لك فذلك من وساوس الشيطان وتيئيسه لابن آدم من روح الله : وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف: 87 } وانظر شروط التوبة الصادقة وكيفيتها وأثرها في الفتاوى ذات الأرقام التالية : 1909 ، 2527 ، 5091 .

وننصحك بالبحث عن الرفقة الصالحة التي تذكرك بالله وتعينك على طاعته وتحذرك من معصيته وإياك وأصحاب السوء ممن اتبع هواه وكان أمره فرطا، فجليس السوء كنافخ الكير إما أن يتطاير عليك من شرره فيحرقك أو يؤذيك بنتن ريحه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بينا ذلك في الفتويين رقم : 1208 ، ورقم : 9163 .

وإذا كانت مدينتك مدينة صالحة تجد بها من يعينك على الطاعة وتستطيع تغيير حالك بها فلا حرج عليك أن تبقى فيها وتحافظ على عملك إن لم يكن محرما أو يؤدي إلى محرم ، وأما إن كانت سيئة يغلب شرها خيرها أو لا تستطيع تغيير حالك إلا إذا خرجت منها فخروجك وانتقالك إلى غيرها أولى، ولا تخش انقطاع رزقك وضياع عملك فقد قال تعالى : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2 ـ 3 } .

والله أعلم .

www.islamweb.net