الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نقف فيما اطلعنا عليه على قائل هذه العبارة، ولعل المقصود بالفضيلة هنا ثمرة العلم، فقد يأتي العلم ولا تأتي ثمرته وحينئذ يكون حامله يصدق عليه قول الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما * والماء فوق ظهورها محمول
فالعلم قد يكون في ناحية والعمل في ناحية، وهو واقع كثير، وبناء عليه فالفضيلة هي ثمرة العلم والعمل به ومشاهدته هو السلوك، وبعضهم يفسر الفضيلة بالوسطية والاعتدال، كالشيرازي في كتابه الفضيلة حيث يقول: الفضيلة هي الحد الوسط بين الزيادة والنقصان وهذان هما الرذيلة، وربما يكون قول نبي الأخلاق صلى الله عليه وسلم: خير الأمور أوسطها. إشارة إلى هذا... وقد يتعلم الإنسان العلم لكن علمه يصبح وبالاً عليه لتجاوزه حدود العقل والعرف... وهذا هلاك للروح والجسد والدنيا والآخرة. انتهى منه بتصرف، وهذا المعنى صحيح أيضاً، فالفضيلة هنا أهم إذا كانت هي الاعتدال والنأي عن الإفراط والتفريط والغلو والتقصير وليس ذلك من لوزام العلم، فقد يغلو المرء أو يقصر وهو عالم، ولكن إذا حصل الفضيلة والاعتدال لم يكن كذلك. قال بعض الحكماء في تعريف الفضيلة: فالفضيلة هي وضع متوسط بين الإفراط والتفريط أي التوسط بين الإفراط في الزيادة، والتفريط الذي هو النقص أي أن يسلك فيها الإنسان بميزان الاعتدال. لا يبالغ حتى يصل إلى التطرف، ولا يتهاون فيصل إلى الإهمال... فالمبالغة مرفوضة سواء كانت سلبا أو إيجاباً... وللفلاسفة وأرباب السلوك مدارس في تفسير الفضيلة وتعريفها يرجع إليها في مظانها.
والله أعلم.