الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأبشر أخي الفاضل بتوبة الله عليك ومغفرته لذنبك ما دمت قد تبت منه فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والتائب حبيب الله وهو طاهر مطهر من الذنوب، كما قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {البقرة:222}، فلا تتعاظم ذنبا ارتكبته فليس هناك ذنب أعظم من الشرك بالله تعالى، ومع ذلك يغفره الله لمن تاب منه ويعفو عنه ويحبه ويقربه ويدخله جنته في الدنيا بإسعاده وطمأنينته وفي الآخرة في جنات عدن، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.
وفي الحديث الصحيح يقول الله: يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة. رواه الترمذي.
واعلم أخي الفاضل أن الشيطان صاحب كيد وخطوات خبيثة يستعملها مع الإنسان ومن ذلك أنه يأتي إلى المهمل فيغويه ويوقعه في المعاصي والانهماك فيها ويأتي إلى اليقظ الحذر التائب من الذنب فيحاول إيقاعه في القنوط واليأس من رحمة الله وهما من أعظم الذنوب، كما قال الله تعالى: إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87}، وقال تعالى: قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ {الحجر:56}، فلا تقنط من رحمة الله بل افرح بنعمة الله عليك بالتوبة والتغلب على الشيطان ولو عدت إلى الذنب فتب فهذه صفة المتقين، كما قال الله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {آل عمران:135}.
والواجب عليك هو قضاء الصلاة فحسب ولا يلزمك إخبار الناس الذين صليت بهم، والأصح عند العلماء أن من صلى خلف إمام وتبين له أنه كان محدثاً فإنه لا يلزمه إعادة الصلاة، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: ولو بان إمامه بعد الاقتداء به.... ذا حدث ولو حدثا أكبر وذا (نجاسة خفية في ثوبه أو بدنه فلا تجب الإعادة على المقتدي).
والحاصل أن الله يغفر لك ما حصل منك ما دمت قد تبت إليه ولا داعي للانزعاج الذي يؤدي بك إلى ذنب هو أعظم من الذنب الذي وقعت فيه، ولا يلزمك إعلام الناس بما فعلت، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.