الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرت أن نقابتكم متعاقدة عليه مع بعض المؤسسات الحكومية الموجودة في بلدكم، وأن هذا العقد تتم بموجبه معالجة موظفي تلك المؤسسات من قبل أطباء النقابة بالتفصيل الذي بينته في سؤالك، هو قريب مما يسميه الفقهاء بشركة الأعمال أو الأبدان.
وشركة الأعمال أو الأبدان قد منعها علماء الشافعية لما فيها من الغرر، وهي جائزة عند الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة.
ولكن المجيزين لهذا النوع من الشركة يشترطون له شروطا لا نراها متوفرة فيما ذكرته عن نقابة الأسنان التي هي موضوع السؤال.
فلم نقف -فيما وقفنا عليه من أحكام الشركة- على صحة استبداد كل واحد من الشركاء بما يحصل عليه من أجرة، ويكون الاشتراك في قدر من المال ثابت يقتطع من كل تحويلة ليوزع سنويا على سائر المنتمين إلى النقابة.
ثم إن المالكية يشترطون لصحة شركة الأعمال أن يكون أصحابها في مكان واحد. قال في المدونة: قلت: أرأيت الحدادين والقصارين والخياطين والخرازين والصواغين والسراجين والفرانين وما أشبه هذه الأعمال, هل يجوز لهم أن يشتركوا؟ قال: قال مالك: إذا كانت الصناعة واحدة, خياطين أو قصارين أو حدادين أو فرانين, اشتركا جميعا على أن يعملا في حانوت واحد, فذلك جائز. ولا يجوز أن يشتركا فيعملان هذا في حانوت, وهذا في حانوت, أو هذا في قرية, وهذا في قرية أخرى, ولا يجوز أن يشتركا, وأحدهما حداد والآخر قصار...
وعليه، فإذا كان علماء الشافعية يمنعون شركة العمل مطلقا، والمالكية يشترطون لصحتها أن يكون جميع المشتركين في نفس المكان –وهو ما لا يتصور وقوعه عند النقابة المذكورة-، وكان القدر المشترك هو مبلغ يقتطع من كل تحويلة، وهو ما لم نقف على مبيح له من أهل العلم، لم يبق إلا أن نستنتج فساد هذه الشركة.
وإذا ثبت ما ذكرناه من الفساد، فإن لكل شريك أن يسترجع ما كان قد اقتطع منه فقط، عملا بمقتضى قول الله تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة:279}. وما سوى ذلك فعليه أن يرده إلى النقابة لترده إلى مستحقيه.
والله أعلم.