الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا داعي للقلق والحيرة، فالقرآن الكريم هو كلمة الله الأخيرة إلى الناس كافة، وهو ختام وحي السماء، ومجمع هدي الأنبياء، ومعجزة الرسول الصادق المصدوق.
وإعجاز القرآن الكريم يتمثل في أوجه كثيرة منها بلاغته وأسلوبه، كما يتمثل في صدق أخباره عن الماضي، وإخباره عن المغيبات، وفي تشريعاته وتربيته وتزكيته للنفوس وغير ذلك من أوجه الإعجاز الفلكية والطبية، فهو كتاب هداية وإعجاز، وما أشار إليه السائل هو من باب إخبار القرآن الكريم عن أولئك القوم وبيان قصصهم لأخذ الدروس والعظات والعبر منها، والرد على حججهم الباطلة وشبههم الواهية بالأدلة القاطعة والبراهين الواضحة؛ كما قال تعالى: وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً {الفرقان:33} وقال: وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ{هود:120}
وقد حكى لنا القرآن الكريم الكثير من أقوال الصالحين والطالحين على اختلاف أزمنتهم وأمكنتهم ولغاتهم بأسلوب عجيب لا يمكن للناس أن يأتوا بمثله.
وحكاية القرآن الكريم لأقوال أولئك الأقوام ليس معناه أنهم يمكن أن يأتوا بمثل القرآن، ولهذا فإن بلغاء العرب الذين حكى القرآن بعض أقوالهم لم يستطيعوا أن يحاكوا القرآن فوقفوا عاجزين مقرين بأنه ليس من كلام البشر، وقصصهم في هذا كثيرة عجيبة لا يتسع المقام لذكرها، نرجو أن تطلع عليها في كتب علوم القرآن وغيرها، والحاصل أن المكحي هو معنى ما قالوا وليس نصه، والفرق واضح بين.
والله أعلم.