الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قسم الله -سبحانه وتعالى- المسلمين إلى ثلاثة أصناف في سورة فاطر فقال: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ {فاطر: 32}، وقبل الحديث عن هؤلاء الأصناف، لا بد من بيان المقصود بهم: فالظالم لنفسه هو: المفرط في فعل بعض الواجبات، المرتكب لبعض المحرمات.
والمقتصد هو: المؤدي للواجبات التارك للمحرمات، وقد يترك بعض المستحبات.
والسابق بالخيرات هو: الفاعل للواجبات والمستحبات، التارك للمحرمات والمكروهات وبعض المباحات. ذكره ابن كثير في التفسير (3/726).
قال ابن عباس -رضي الله عنهما- هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فظالمهم يغفر له، مقتصدهم يحاسب حساباً يسيراً، وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب.
لكن قد جاء عن مجاهد أنه قال: (فمنهم ظالم لنفسه) أي أصحاب المشأمة. (الشمال).
وقال مالك عن زيد بن أسلم والحسن وقتادة: هو المنافق، لكن قال ابن كثير: (قال ابن عباس والحسن وقتادة: وهذه الأقسام الثلاثة، كالأقسام الثلاثة المذكورة في أول سورة الواقعة وآخرها، والصحيح أن الظالم لنفسه من هذه الأمة، وهذا اختيار ابن جرير، كما هو ظاهر الآية، وكما جاءت به الأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من طرق يشد بعضها بعضاً). اهـ.
ومن العلماء من قال: الظالم لنفسه هو: الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، كما في قوله تعالى: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {التوبة: 102}.
وعلى أية حال؛ فما دام أنك عرفت المقصود بكل صنف من هذه الأصناف الثلاثة، فيمكنك إن شاء الله تتبع الآيات أو الأحاديث النبوية التي تخاطب كل صنف.
والله أعلم.