الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن حديث: الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف. حديث صحيح كما في الصحيحين وغيرهما، ودليل صحة ذلك في حياة الناس العادية أن الإنسان ربما يطمئن أو يرتاح لشخص وهو لا يعرفه أصلاً، وربما يكون غريباً عنه وليس من أهل بلده ولا يتكلم لغته... ويكون بجانبه ومن أقاربه وبني وطنه وقومه من لا يرتاح له ولا يطمئن إليه، وقد قال بعض أهل العلم إن سبب ذلك هو ما جرى من التعارف بين الأرواح في عالم الذر عندما خلق الله تعالى آدم فمسح على ظهره فأخرج منه نسمات بنيه وقال لهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى... فما تعارف من الأرواح في تلك الفترة ائتلف، وما تناكر منها اختلف.
والقصص في ذلك كثيرة تحدث عنها السلف رضوان الله عليهم، وشاهدها الناس في واقع حياتهم، ولا مانع أن يدخل في ذلك حديث النفس من شخصين ويفكر كل منها في الآخر أو يتصل به أو يزوره، ففي مجمع الزوائد: أن امرأة كانت بمكة مزاحة فجاءت إلى المدينة فنزلت على امرأة شبها لها فبلغ ذلك عائشة رضي الله عنها فقالت: صدق حبي صلى الله عليه وسلم: الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف... الحديث. ويدخل في ذلك الإلفة والميول الذي يحصل بين الخاطب وخطيبته.
ولكن لا يجوز أن يتخذ ذلك ذريعة للاتصال غير المشروع بين الجنسين، فقد حرم الإسلام العلاقة بين رجل وامرأة أجنبيين إلا عن طريق الزواج الشرعي.
والله أعلم.