الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن المعلوم أن فارق الصرف في مثل الحالة المسؤول عنها يعتبر من جملة المال المجموع للأغراض المذكورة، وعليه فهذا الرجل الذي ذكرت من أمره ما ذكرت، قد أخطأ خطأ كبيراً بما وقع فيه من سوء التصرف فيما وقع تحت يده من المال، وخصوصاً أن من بين المال الذي شمله هذا التصرف ما هو مخصص للأيتام، وقد حذر الشرع الحكيم تحذيراً شديدا من مال اليتيم، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا {النساء:10}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات. متفق عليه.
ولا فرق في الإثم بين أن يأكل المرء مال اليتيم أو يفوت عليه الانتفاع به بطريق آخر، فمن واجب هذا الرجل أن يتوب من هذا الإثم الذي وقع فيه، ومن تمام توبته أن يرد جميع الأموال إلى المؤسسة القائمة عليها، لأنه تعدى على أمانته، والمتعدي ضامن كما هو معلوم، ولما رواه أبو داود والترمذي عن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه.
وما أشرت إليه من أن هذا الرجل يعيل مجموعة من أقاربه، وأنه ترك منذ سنوات العمل مع المؤسسة الخيرية، وأنه أقرض أحد أقاربه مبلغاً آخر يعادل نحو 8000 ولا يرجو سداده في المنظور القريب كلها أمور لا تغير من الحكم شيئاً.
والله أعلم.