الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته من حال نفسك، يدل معظمه على الخير، وفيه بعض الأمور التي تدل على الشر.
فكونك فتاة مؤمنة إيمانا عميقا بالله، وتصبرين على من يؤذيك، وقد أصبت بمرض نفسي ولكنك صبرت عليه وعلى الأدوية التي تتناولينها، وتتصدقين في بعض الأحيان، وتخافين من ذكر البشر بالسوء، ولا تحملين حقدا ولا بغيضة لأحد، وتعطين راتبك لأهلك وتساعدينهم كثيرا، وتقومين أحيانا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقرئين القرآن... كلها أمور طيبة وأخلاق إسلامية فاضلة، تنبئ بأنك من أهل الإيمان.
وكونك لا تصحين لصلاة الفجر، وتصلين جميع الصلوات بدون خشوع، وتشاهدين في بعض الأحيان أفلاما أجنبية وعربية، وقد يكون فيها شيء من الموسيقى أو الأغاني، وتضيعين كثيرا من الوقت في اللعب... هي أيضا من الأمور البغيضة عند الله. ولكنك معذورة فيما ذكرته من عدم الصحو لصلاة الفجر إن كان سببه هو نوع الدواء الذي قلت إنه يساعد الجسم على الاسترخاء والنوم الكثير.
وعلى أية حال، فإنا ننصحك بإصلاح ما ذكرته من أخطاء، وأن تبقي بين الخوف والرجاء، ليكون ذلك أدعى لأن تستمري في الزيادة من الخير وأعمال البر.
فقد ذكر الله تعالى في كتابه عن أنبيائه وأكرم أوليائه أنهم كانوا يعبدون الله تعالى ويطيعونه طمعا في ثوابه وخوفا من عقابه، ذكر ذلك في أكثر من موضع. ومن ذلك قوله سبحانه: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء: 90]. وقوله تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ .{السجدة: 16}.
وقال عن نبيه عليه الصلاة والسلام: قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ {الأنعام: 15}. وقال عن إبراهيم الخليل: وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ {الشعراء: 85}. وقال عن أهل الإيمان: وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ [المعارج: 27].
والله أعلم.