الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج على الرجل في إخفاء أمر زواجه عن زوجته ولا إثم عليه في ذلك، وليس فيه ظلم لها، لكنه إذا تزوج بالثانية يجب عليه أن يعدل في المبيت والسكنى وغيرهما من الحقوق، كما لا يلزمه إخبار والدته، وعصيانها في هذا الأمر لا يعد من العقوق، لأن ضابط العقوق المحرم هو أن يحصل من الولد للأبوين أو أحدهما إيذاء ليس بالهين عرفا، أو مخالفتهما فيما فيه الخوف على الولد من فوات نفسه أو عضو من أعضائه، قال الصنعاني في سبل السلام:
وضابط العقوق المحرم كما نقل خلاصته عن البلقيني وهو أن يحصل من الولد للأبوين أو أحدهما إيذاء ليس بالهين عرفا، فيخرج من هذا ما إذا حصل من الأبوين أمر أو نهي فخالفهما بما لا يعد في العرف مخالفته عقوقا فلا يكون ذلك عقوقا،... فعلى هذا، العقوق أن يؤذي الولد أحد أبويه بما لو فعله مع غير أبويه كان محرما من جملة الصغائر فيكون في حق الأبوين كبيرة، أو مخالفة الأمر أو النهي فيما يدخل فيه الخوف على الولد من فوات نفسه أو عضو من أعضائه في غير الجهاد الواجب عليه، أو مخالفتهما في سفر يشق عليهما وليس بفرض على الولد، أو في غيبة طويلة فيما ليس لطلب علم نافع أو كسب، أو ترك تعظيم الوالدين، فإنه لو قدم عليه أحدهما ولم يقم إليه أو قطب في وجهه فإن هذا وإن لم يكن في حق الغير معصية فهو عقوق في حق الأبوين. انتهى كلامه. ولما في هذا الزواج من المصلحة المعتبرة شرعا من اجتماع البنات بأبيهن وحصولهن على رعايته وتربيته.
والله أعلم