الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن العلاقة بين الزوجين ليست علاقة بين غريمين أو شريكين شحيحين، بل هي علاقة عاطفية ، وجدانية ، روحية ، وصفت في الذكر الحكيم بأوصاف منها قوله تعالى : وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً {الروم: 21 } وقال تعالى : هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ {البقرة: 187 } وقال تعالى : وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء: 21 } فيفترض لعلاقة كهذه أن تكون مبنية على الإحسان والفضل ، والاحترام المتبادل ، والثقة ، فإذا لم يوجد هذا فلا أقل من أداء الحقوق والواجبات ومن كف الأذى الواجب لكل مسلم ، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. و قال النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه، وانظري الفتوى رقم: 6540 ، ولا يجوز سب المسلم وإيذاؤه في عرضه ، , قال القرطبي , بل هو من الكبائر , لقوله تعالى : وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب: 58 } ، وإذا وصل السب إلى الاتهام بالزنا فهو قذف وهو من السبع الموبقات ، التي ورد بها الحديث ، ويكون أشد في حق الزوجة لما لها من حق على الزوج ، فإن عظم الذنب يكون بحسب منزلة من صدر في حقه ، قال العلماء : إن الفعل المحرم الذي يكون في حق الغير صغيرة ، يكون في حق الوالدين كبيرة ، وذلك لما لهما من الحق عليه. سبل السلام للصنعاني 1/232
وأما عن امتناع الزوجة عن فراش زوجها والذي هو محور السؤال ، بحجة معاملته السيئة فهذا لا يجوز، وانظري الفتوى رقم: 9572 ، فيجب على الزوجة أداء حق الزوج الشرعي ، ولا يجوز لها منعه، ولعل هذا هو سبب الكثير من المشاكل التي تعاني منها الأسرة ، وننصحها باحتساب الأجر ، والدعاء لزوجها بأن يصلحه الله عز وجل ، ويحسن خلقه ، ونسأل الله عز وجل أن يثيبها على صبرها واحتمالها لزوجها ، ولا ننصحها بالطلاق ، في هذا السن وعليها أن تتصبر فلم يبق إلا القليل ، كما قال أحد العارفين : يا أقدام الصبر احملي لم يبق إلا القليل ، كما ننصح الأبناء بأبيهم خيرا ، فإن بره واجب عليهم مهما فعل ، فيجب عليهم الإحسان إليه والصبر عليه ، وأن لا يصدر منهم قول أو فعل يغضبه عليهم. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .
والله أعلم.