الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله عز وجل أن يتدارك الأخ برحمته، وأن يلهمه رشده ويقيه شر نفسه، وأن يشفيه من هذا الداء، وقد لمسنا من كلامه أنه يريد التوبة ويريد الإقلاع عن هذا الذنب، ولكن قلبه مأسور بهذا الذنب ألا وهو العشق، وهذا حقاً داء من أشد الأدواء فتكا بالقلوب، لكن الله سبحانه وتعالى ما أنزل من داء إلا وأنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله. كما ثبت ذلك في حديث رواه أحمد وصححه الألباني.
فنقول: إن أنجح دواء لك هو قطع صلتك بهذه المرأة مطلقاً، والابتعاد عنها، والفرار منها، كفرارك من الأسد، وهذا الدواء وإن كان فيه مشقة إلا أن مفعوله أكيد بإذن الله، وإن مما يعينك على تركها تذكرك بأنك تترك محبتها والتعلق بها لمحبوب آخر أعلى منها هو الله جل في علاه، وهذا لتخلية القلب من هذه المحبوبة، ثم يأتي بعد ذلك تحليته، بأن تملأ قلبك بخواطر الإيمان بحبه سبحانه وتعالى وتوحيده، والتفكر في آياته، والخوف من غضبه وعذابه، ودعائه سبحانه وتعالى بأن يصرف عنك حبها، ويبين ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) بقوله: ودواء هذا الداء القتال أن يعرف أن ما ابتلي به من هذا الداء المضاد للتوحيد، إنما هو من جهله، وغفلة قلبه عن الله تعالى، فعليه أن يعرف توحيد ربه وسننه وآياته أولاً، ثم يأتي من العبادات الظاهرة والباطنة بما يشغل قلبه عن دوام الفكرة فيه، ويكثر اللجأ والتضرع إلى الله سبحانه في صرف ذلك عنه، وأن يرجع بقلبه إليه، وليس له دواء أنفع من الإخلاص لله، وهو الدواء الذي ذكره الله في كتابه حيث قال: كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ. وأخبر سبحانه أنه صرف عنه السوء من العشق والفحشاء من الفعل بإخلاصه، فإن القلب إذا أخلص عمله لله لم يتمكن منه عشق الصور، فإنه إنما يتمكن من قلب فارغ؛ كما قال الشاعر:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى * فصادف قلبا خالياً فتمكنا.
وانظر الفتوى رقم: 9360 فإن فيها بيان داء العشق ودوائه.
والله أعلم.