الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكتاب الله تعالى هو كما وصفه الباري سبحانه بقوله: مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ {الزمر:23}، وقوله تعالى: لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {الحشر:21}، وهو كما قال قيس بن عاصم يوم تلا عليه النبي صلى الله عليه وسلم سورة الرحمن فقال: إن له لطلاوة، وإن عليه لحلاوة، وأسفله لمغدق، وأعلاه مثمر، وما يقول هذا بشر، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. وقصة قيس هذه ذكرها القرطبي في تفسيره.
فجميع آياته تخشع لها القلوب وتتعظ لها النفوس وإن كان بعضها أكثر وقعاً من بعض لمعنى تضمنه، فآيات الترغيب والترهيب ليست كالقصص أو آيات الأحكام مثلاً، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم بكى لما تلا عليه عبد الله بن مسعود آيات من سورة النساء فيها ذكر بعض أهوال يوم القيامة وشهادته صلى الله عليه وسلم على أمته؛ كما في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: اقرأ علي، قلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل، قال: نعم، فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا. قال: حسبك الآن. فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان. وهذا لفظ البخاري.
وأما الآية التي ذكرتها فلم نقف في شأنها على خبر خاص، وتخصيص آية بمعنى معين دون غيرها لا بد له من دليل لأن الأمر في ذلك توقيفي لا مجال فيه للاجتهاد لأنه إخبار عن غيب، وقد ورد في بعض الآيات والسور ما لم يرد في غيرها؛ كآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة وسورة الإخلاص وغيرها، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 20794.
والله أعلم.