الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه, أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على منع خروج المرأة من بيت الحاضن عند وجود الريبة ، أو كون الفتاة غير مأمونة على نفسها ، وعليه فهروب الفتاة من بيت وليها وكافلها لا يجوز إذا كانت غير مأمونة أو كان في الأمر ريبة ، وقد يكون الهروب واجبا في بعض الحالات فمن هربت من البيت فرارا من شخص يهددها بالقتل أو بفعل الفاحشة بها فهروبها واجب ، فالحاصل أن خروج الفتاة من بيت وليها منعه العلماء في حال الريبة وتهمة التعرض للفساد ، إلا أن يكون واجبا لخوفها على نفسها أو عرضها مثلا من البقاء في بيت وليها فعندئذ تخرج إنقاذا لنفسها وحفظها لعرضها ، وإليك تفصيل مذاهب أهل العلم في المسألة :
ذهب الحنفية إلى أن الثيب و كذا البكر إذا كانت كبيرة ولها رأي ، تخير بين المقام مع وليها, أو الانفراد بنفسها, وإن كانت غير مأمون عليها لو انفردت بنفسها بقيت ولاية الأب عليها , كما تبقى الولاية على البكر إذا كانت حديثة السن.
وذهب المالكية إلى أن الحضانة بالنسبة للأنثى تستمر إلى زواجها ودخول الزوج بها .
وذهب الشافعية إلى أن البنت إذا بلغت رشيدة فالأولى أن تكون عند أحد أبويها حتى تتزوج إن كانا مفترقين , وبينهما إن كانا مجتمعين , لأنه أبعد عن التهمة , ولها أن تسكن حيث شاءت ولو بأجرة , هذا إذا لم تكن ريبة , فإن كانت هناك ريبة فللأم إسكانها معها , وكذا للولي من العصبة إسكانها معه إذا كان محرما لها , فإن لم يكن محرما لها فيسكنها في موضع لائق بها ويلاحظها دفعا لعار النسب.
وذهب الحنابلة إلى أن كفالة الولي للبنت تكون بعد البلوغ أيضا إلى الزفاف وجوبا ، , لأن الغرض من الحضانة الحفظ , والأب أحفظ لها , وإنما تخطب منه , فوجب أن تكون تحت نظره ليؤمن عليها من دخول الفساد لكونها معرضة للآفات لا يؤمن عليها للانخداع لغرتها .
والله أعلم .