الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أخي الكريم أن طاعتك لوالديك وبرك بهما من أعظم الأعمال الصالحة التي ينبغي أن تحافظ عليها ، وأن لا تضجر ولا تسخط مهما عملا معك ، وإذا أحببت محاورتهما فليكن حوارك لهما بالحسنى ، فقد قال تعالى : فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء: 23 } وقال تعالى : وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36 } وقال تعالى : وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا {البقرة: 83 } والوالدان أولى الناس بذلك ، فإذا أحسست بظلم منهما في معاملتك فلا مانع من نصحهما مع مراعاة غاية الأدب واللين بما لا يؤدي إلى عقوقهما ، فإذا أدى النقاش والحوار إلى إساءة الأدب معهما وجب عليك الإمساك عنه ، وانظر الفتوى رقم : 43871 ، ونذكرك يا أخي الكريم بما أوردناه في الفتوى رقم : 73417 .
وأما سفرك للتجارة فإن كان عندهم من يرعاهم ويتولى مصالحهم فلا إثم عليك في السفر كما سبق تقريره في الفتوى رقم : 66666 ، ولكن عليك أن تتلطف بهما ، وتحسن عرض القضية عليهما حتى تنال رضاهما ، وإن كنت مستغنيا عن السفر فلا شك أن مقامك عندهما تقوم بحوائجهما وترعى مصالحهما هو الأولى والأفضل ، وأما هجرهما والإعراض عنهما فلا يجوز بحال ، لا في حال بقائك عندهما ولا في حال سفرك وذهابك عنهم ، رعاك الله ووفقك .
والله أعلم .