الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الأرض إذا كان أبوك قد ملكها ملكاً صحيحاً، فإن الغارس فيها للشجر، إما أن تكون له فيها شبهة ملك أم لا، فإن لم تكن له فيها أية شبهة فهو -إذاً- بمنزلة الغاصب، وحينئذ يكون أبوك مخيراً بين أن يأمر صاحب الأشجار بقلعها، وبين أن يستبقيها لنفسه ويدفع للغارس قيمتها مقلوعة بعد إسقاط تكلفة إزالتها، إذا كان لا يتولاها هو بنفسه، قال الشيخ الدردير مشبها للإعارة المنقضية المدة بالغصب: وإن انقضت مدة البناء والغرس المشترطة، أو المعتادة (فكالغاصب) لأرض بني بها، أو غرس، فالخيار للمعير بين أمره بهدمه وقلع شجره وتسوية الأرض كما كانت، وبين دفع قيمته منقوضاً بعد إسقاط أجرة من يهدمه ويسوي الأرض إذا كان المستعير لا يتولى ذلك بنفسه، أو خدمه، وإلا لم يعتبر إسقاط ما ذكر ويدفع له قيمته منقوضاً بتمامها.
وإن كان لهذا الغارس شبهة ملك، بأن كان قد اشترى هذه الأرض غير عالم بأنها مملوكة، فإن أباك يعطيه قيمة شجره قائماً، فإن لم يقبل فإن صاحب الشجر يعطي قيمة الأرض ويملكها، فإن لم يقبل أيضاً كانا شريكين في الأرض والشجر، كل بقيمة ما يملك، قال الشيخ خليل فيمن بنى أو غرس بشبهة: وإن غرس أو بنى قيل للمالك أعطه قيمته قائماً. فإن أبى فله دفع قيمة الأرض، فإن أبى فشريكان بالقيمة يوم الحكم...
ثم إن ما ألحقته بالسؤال لم نفهمه جيداً، وقد اعتمدنا في إجابتنا على أن أباك قد ملك هذه الأرض ملكاً صحيحاً، وأما لو كان الأمر بخلاف ذلك فإن صاحب الشجر يكون قد ملكها بما جعل فيها من الإحياء، وبالتالي فليس لكم أي حق في الأرض، واعلم أن مثل هذه الخصومات، لا يمكن حله إلا عند محكمة شرعية مختصة.
والله أعلم.