الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعل السائل الكريم يقصد ما جاء في الآية الكريمة: مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا {النساء:85} قال أهل التفسير: النصيب الحظ من كل شيء خيرا كان أو شرا والكفل كذلك، ويستعمل الكفل بمعنى المثل، ويرى بعضهم أن الكفل لا تستعمل إلا في الشر.
قال الراغب في المفردات: الكفل: هو الحظ من الشر والشدة، وهو مستعار من الكفل وهو الشيء الردي، ولذلك عبر بالنصيب في الشفاعة الحسنة وبالكفل في الشفاعة السيئة.
والقاعدة المعروفة في الثواب والعقاب أن الحسنات مضاعفة والسئات تجزى بمثلها، وهذا مطرد في كتاب الله تعالى كما في قوله تعالى: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ {الأنعام:160}
والشفاعة الحسنة هي الوساطة في إيصال الخير أو دفع الشر سواء كانت بطلب من المنتفع أم لا، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الشفاعة الحسنة بقوله: اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء رواه البخاري ومسلم.
والشفاعة السيئة هي الوساطة لدفع الحق أو لجلب الباطل وهي منهي عنها نهيا شديدا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد: أتشفع في حد من حدود الله. متفق عليه.
وقد أرادت قريش أن يشفع أسامة لإنقاذ امرأة من بني مخزوم من أن يقام عليها حد السرقة.
والله أعلم.