الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على أبيكم أن ينفق بالمعروف على من تلزمه نفقته مثل أمك إن كانت لا تزال في عصمته غير ناشز، وإخوانك الصغار الذين لا مال لهم، ومن لم يتزوج من بناته، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 66857.
وإذا ترك الوالد النفقة على من تلزمه نفقته فإنه يأثم، وفي الحديث: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول. رواه أبو داود، وفي مسلم: كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته.
وأما تزويج الأبناء فلا يلزم الوالد شرعاً، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 27231.
وقيل يلزمه زواج من تلزمه نفقته منهم، ويؤجر على ذلك، ويكون من رفقه برعيته، وفي الحديث: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به. رواه مسلم.
ويجب عليكم أن تصاحبوه بالمعروف، وأن تصلوه ولو قاطعكم، امتثالاً لأمر الله تعالى، حيث قال: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14-15}.
ولعل صلتكم له مع دعوتكم له إلى الله تعالى تؤثر فيه فيؤوب إلى رشده، فإن فعل وإلا جاز رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية لتلزمه بالواجب عليه نحو زوجته وأهله، وليس في ذلك نوع من العقوق، كما هو مبين في الفتوى رقم: 43086.
والله أعلم.