الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأبرز صفة ميز الله بها الإنسان وشرفه بها على غيره من مخلوقاته هي خلقه في أحسن تقويم، كما قال تعالى : لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ { التين : 4 } ومما تميز به أيضا العقل وتحمل الأمانة. وإجمالا يمكننا القول بأن الله تعالى ميز آدم وذريته على الملائكة بالتكليف المعبر عنه بالأمانة في قوله تعالى :إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا { الأحزاب : 72 }, وعلى الجن بالنبوة والرسالة, وعلى البهائم بالعقل, وعلى سائر الجمادات بالروح والعقل, وما سبق, وعلى أغلب المخلوقات باكتمال الخلق وحسنه، قال تعالى : وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا { الإسراء : 70 }
قال المناوي في فيض القدير : وقد شرف الله هذا الإنسان على جميع المخلوقات، فهو صفوة العلم وخلاصته وثمرته, وهو الذي سخر له ما في السماوات والأرض جميعا, وهو الخليفة الأكبر، وقال : لأن الله تعالى أحسن تقويم خلقه, وخلق ما في السماء والأرض لأجله, ومشاركة غيره له فيه إنما هي بطريقة التبع. اهـ. وقد بينا طرفا من ذلك في الفتوى رقم : 59538 .
والله أعلم.