الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يمن عليك وعلى أمك بالصبر والثبات، وعلى أبيك وأخيك بالهداية، وقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن خبر: اطلبوا العلم ولو بالصين. حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، كما بين ذلك الشيخ الألباني وغيره.
كما ينبغي أن تعلمي أن سوء أخلاق الوالد وتقصيره في الحقوق الواجبة عليه سواء كانت لله تعالى أو كانت للمخلوقات، لا تسقط من حقه على الأبناء شيئاً، فالوالد مهما كانت حالته يجب بره والإحسان إليه، ويحرم عقوقه ولو كان كافراً، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24}.
فننصحك أولاً بالحد من هذه اللهجة والكلام النابئ تجاه والدك، ثم مما يجب معرفته أن المرأة لا يجوز أن تسافر إلا مع ذي محرم، كما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. فما تقومين به من الذهاب كل أسبوع إلى مدينة أخرى غير التي تسكنينها لا يجوز دون محرم إن كان في العرف عندكم أنه سفر.
وبالنسبة لما سألت عنه من الكذب للحصول على بعض مال الأب، وكذا التحايل من أجل ذلك، فمن المعلوم أن الكذب حرام، ولكن جوزه المحققون من أهل العلم في كل ما فيه مصلحة دون مضرة للغير، يقول ابن الجوزي ما نصه: وضابطه أن كل مقصود محمود لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب، فهو مباح إن كان المقصود مباحاً، وإن كان واجباً فهو واجب.
وقال ابن القيم في زاد المعاد ج2ص145: يجوز كذب الإنسان على نفسه، وعلى غيره إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه.... كما أنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لهند بنت عتبة -لما ضن أبو سفيان رضي الله عنه عليها بحقها في النفقة-: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. وهو دليل على أن التحايل لأخذ الحقوق إذا منعت من مستحقيها جائز.
ولكن ينبغي أن تعلمي أن أباك ليس ملزماً شرعاً بمصاريف دراستك، ولا بما تحتاجين إليه من دورات كومبيوتر أو غيره، وقد بينا ذلك من قبل، فلك أن تراجعي فيه الفتوى رقم: 59707.
وبناء على جميع ما ذكر فما تقومين به من الكذب للحصول على بعض مال أبيك لا يجوز، ولا يجوز كذلك أخذه دون علمه.
والله أعلم.