الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالرضاع المحرم هو ما كان في الحولين، سبقه فطام أو لا ، ولأن الرضاع في الحولين تتحقق فيه العلة وهي كون اللبن ينبت به اللحم وينشز العظم، وإلى هذا ذهب الشافعية والحنابلة وأبو يوسف ومحمد من الحنفية ، فالاعتبار بالعامين , لا بالفطام , فلو فطم قبل الحولين ثم ارتضع فيهما لحصل التحريم , ولو لم يفطم حتى تجاوز الحولين ثم ارتضع بعدهما قبل الفطام لم يثبت التحريم . واستدلوا على ذلك بقوله تعالى : وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ {البقرة:233} ، وغيرها من الأدلة .
قال الإمام ابن قدامة -رحمه الله تعالى- في المغني : فالاعتبار بالعامين لا بالفطام , فلو فطم قبل الحولين, ثم ارتضع فيهما , لحصل التحريم , ولو لم يفطم حتى تجاوز الحولين , ثم ارتضع بعدهما قبل الفطام . لم يثبت التحريم .اهـ
أما المالكية فذهبوا إلى أن الطفل لو فطم في الحولين واستغنى بالطعام استغناء بينا يومين فأكثر ثم أرضع بعدها فلا يحرم هذا الرضاع على ما رجحه جمع من المالكية. قال الدردير في الشرح الكبير: يحرم الرضاع في الحولين أو بزيادة شهرين عليهما؛ إلا أن يستغني الصبي بالطعام عن اللبن استغناء بينا ولو في الحولين بأن فطم أو لم يوجد له مرضع في الحولين فاستغنى بالطعام أكثر من يومين وما أشبههما فأرضعته امرأة فلا يحرم، قال ابن القاسم: إن فطم فأرضعته امرأة بعد فطامه بيوم أو ما أشبههه حرم لأنه لو أعيد للبن لكان غذاء له، وأما ما دام مستمرا على الرضاع فهو محرم ولو كان يستعمل الطعام ولو على فرض لو فطم لاستغنى به عن الرضاع. اهـ.
ولعل الراجح هو المذهب الأول، وراجع الجواب رقم:29604، وما أحيل فيه عليه.
والله أعلم.