الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية ننصحك بترك الغضب، وأن تعَوِّد نفسك على الصبر وعدم الانفعال، ونذكرك بوصية النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي جاء يطلب منه الوصية، فقال له: لا تغضب. فردد مرارا، قال: لا تغضب. رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
واعلم أنك إذا اخترت للنكاح امرأة ذات دين وخلق, فلا ينبغي أن يهمك كيف كان ماضيها، طالما أنها قد تابت منه.
ثم إن ما يحدث لك هو أزمة نفسية ناتجة عن عقدة قد حصلت عندك مما اكتشفته مما كانت عليه زوجتك من علاقة عاطفية غير شرعية مع رجل آخر ، ولا نعلم له تفسيرا شرعيا يختلف عن تفسيره النفسي ، ومن يمر بخياله أنه قد حرم امرأة على نفسه، فإنها لا تحرم عليه، ولا تأثير لذلك على صحة زواجه من تلك المرأة.
وذلك لأن حديث النفس متجاوز عنه؛ كما في الحديث الشريف. فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
مع أنك لو طلقت أو حرمت امرأة ليست في عصمتك فإنها لا تطلق ولا تحرم عليك إجماعا ، وإنما المختلف فيه هو تعليق طلاق المرأة على التزويج بها، والراجح أنها لا تطلق أيضا ، قال ابن قدامة في المغني: وإذا قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق لم تطلق إن تزوج بها... روي هذا عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء والحسن وعروة وجابر بن زيد وسوار والقاضي والشافعي وأبو ثور وابن المنذر... وهو قول أكثر أهل العلم; لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك, ولا عتق فيما لا يملك, ولا طلاق لابن آدم فيما لا يملك... وعن أحمد رحمه الله ما يدل على وقوع الطلاق والعتق. وهو قول الثوري وأصحاب الرأي; لأنه يصح تعليقه على الأخطار, فصح تعليقه على حدوث الملك كالوصية والنذر واليمين. وقال مالك: إن خص جنسا من الأجناس أو عبدا بعينه عتق إذا ملكه.
وعن سؤالك الأخير، فإن من أقسم بأن لا يتزوج من امرأة بصفة معينة وبعدها ظهرت له فيها تلك الصفة التي كان قد أقسم عليها، فإذا كان يرى الخير في التزوج بتلك المرأة، فالأفضل له أن يتزوج منها ويكفر عن يمينه عملا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه . رواه مسلم.
والله أعلم.